لا تنشر اي رساله لا تعلم مصدرها ..

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل من تصله كلماتي هذه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد
أكتب إليك أخي الكريم – أختي الكريمة - هذه الرسالة راجياً أن تصلك و أنت في أحسن حال و أكمل عافية
و أحب أن أقول
لقد وصلني على البريد الإلكتروني على ( الهوت ميل ) هذا الهذيان

رجل اسمه عبد الله مصطفي
قال شاهدت بعيني محمد صلى الله عليه و سلم فى منامي
و اوصاني سلاما
علي الناس
فيجب على كل من
يقرأ
هذه
الرساله
يوزعها على
الناس
وينتظر 4 ايام
فسوف يفرح فرحا شديدا وان
لم
يوزعها


فسوف يحزن حزنا شديدا
استحلفك بالله ان ترسلها
الى
10
من اصدقائك
لا اله الا انت سبحانك
اني كنت من الظالمين
وستسمع خبرا جيدا الليله



و قد آلمني ما رأيته من كثرة الأشخاص الذين استلموا هذه القصة
فعزمت على كتابة هذه الكلمات توضيحاً للحقيقة
و إسداءً للنصيحة
راجياً من الله أن ينفع بها كاتبها و ناقلها
إنه جواد كريم

و أقول رداً على هذه القصة :

أولاً : من القواعد العظيمة التي جاء بها ديننا الحنيف التثبت و التأكد عند سماع الأخبار ، فليس كل ما يُسمع يُصَدّق ، و ليس كلُ ما يُعلم يُخبُر به .قال الحق جل و علا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات : 6

* ففي الآية الكريمة أمرٌ من رب العالمين بالتثبت و التأكد من خبر الفاسق الذي نعلم حاله . لماذا يا إخواني ؟
حتى لا يصيبنا الندم ، بسبب اتهامنا لقوم بأمور هم منها براء .
قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية ما نصه ( وهذا أيضا من الآداب التي على أولي الألباب التأدب بها واستعمالها ، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بنبأ ، أي : خبر أن يتثبتوا في خبره ، ولا يأخذوه مجردا ، فإن في ذلك خطرا كبيرا ، ووقوعا في الإثم ، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل ، حكم بموجب ذلك ومقتضاه ، فحصل من تلف النفوس والأموال ، بغير حق بسبب ذلك الخبر ما يكون سببا للندامة ، بل الواجب عند سماع خبر الفاسق ، التثبت والتبين . فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه ، عمل به وصدق ، وإن دلت على كذبه ، كذب ، ولم يعمل به ، ففيه دليل على أن خبر الصادق مقبول ، وخبر الكاذب مردود ، وخبر الفاسق متوقف فيه… ) انتهى كلامه رحمه الله .

* و في هذه الآية - أيضاً - دليل على أن الأصل في الناس عدم العدالة ، فلو كان كل الناس عدولاً ثِقات – يجب قبول كلامهم على الإطلاق - لما كان للتثبت و التأكد أدنى فائدة ، لذلك قال القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية (…وفي الآية دليل على فساد. من قال: إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجرحة، لأن الله تعالى أمر بالتثبت قبل القبول، ولا معنى للتثبت بعد إنفاذ الحكم، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة….) . و إذا أردْتَ أخي الزيادة للإستفادة ، فراجع فضلاً لا أمراً ما سطره الشيخ خالد بن قاسم الردادي في بحثه الذي هو بعنوان ( الأصل في الناس الجهالة لا العدالة ) .
فإذا فهمت أخي الكريم ما ذكرته لك ، فاعلم أنه لا يجوز تناقل مثل هذه القصة لأن مخترعها و هو المدعو عبد الله مصطفى مجهول الحال ، فلا ندري أ مؤمنٌ هو أم فاسق ، و لا ندري أ صادقٌ هو أم كاذب ، بل و لا ندري أ مسلم هو أم كافر . لأن أعداء الإسلام لا يستبعد أن يقوموا بمثل هذه الأمور الشنيعة ليُفسدوا بها عقائد المسلمين .

و لسائل أن يسأل : كيف يُمكن لمثل هذه القصة أن تُفسد عقيدة المسلمين ؟

قلت : سأثبت لك هذا فيما بعد .

و نرجع فنقول أن مخترع هذه القصة مجهول ، و قد أمرنا الله عز و جل بالتثبت من خبر الفاسق الذي نعلم حاله ، فكيف بالرجل المجهول يا عباد الله ؟

لا شك – عندي – أننا مأمورون بالتثبت من كلامه أكثر من الفاسق . خاصة و أنه ادعى رؤيته للنبي صلى الله عليه و سلم و نقل عنه كلاماً كما زعم هذا المجهول .

ثانياً : زعم المدعو عبد الله مصطفى أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم ، و هذه دعوى لا نصدقها و لا نكذبها ، لأنه مجهول الحال ، بل لو عرفنا حاله فلا بدّ أن يصف لنا الذي رآم في المنام .
فأهل السنة و الجماعة لا يُنكرون رؤية النبي صلى الله عليه و سلم في المنام ، و لكن من زعم بأنه رآه فعليه أن يصف لنا النبي صلى الله عليه و سلم ، فإذا تطابق وصفه مع ما جاءت به الأحاديث الشريفة التي بيّنت لنا شكله صلى الله عليه و سلم ؛ كان الواصف صادقاً و فعلاً رأى الرسول عليه الصلاة و السلام ، أما إذا اختل الوصف ، فالذي رآه ليس هو الرسول صلى الله عليه و سلم .

و لسائل أن يقول : و كيف نعرف أوصاف رسولنا و خليلنا محمد صلى الله عليه و سلم ؟


قلتُ: قد جاءت الأحاديث الصحيحة بوصف رسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليه ، و قد ذكر الشيخ الجليل محمد جميل زينو أوصاف النبي صلى الله عليه و سلم في كتابه ( قطوف من الشمائل المحمديةوالأخلاق النبوية والآداب الإسلامية ) أذكرك لك أهمها على وجه الإختصار فأقول :
كان رسولنا الكريم عليه صلوات ربنا العظيم جميل المنظر أبيض اللون ، مستدير الرأس ، كث اللحية ، تعلوه حُمرة ، شعره إلى شحمة أذنيه ، ضخم الرأس واليدين والقدمين، ليس بالطويل و لا بالقصير ، عريض ما بين المنكبين، ....
لذلك من رأى في المنام رجلاً قال عن نفسه أنه النبي صلى الله عليه و سلم أو قيل عنه أنه النبي صلى الله عليه و سلم بهذه الأوصاف فقد رآه حقاً ، و إن اختلت فلم يره .
و اعلم بارك الله فيك أنّ كثيراً من الناس يرى في المنام رجلاً لابساً ثوباً أبيض فيعتقد أنه الرسول صلى الله عليه و سلم ، أو يرى رجلاً يُقال عنه أنه هو ، و غير ذلك كثير ، فالواجب النظر و التأكد في مثل هذه الدعاوى .
أما ما يزعمه بعض الناس – و هم المتصوفة – من أنهم يرون النبي صلى الله عليه و سلم في اليقظة لا في المنام و أنه يأمرهم ببعض الأمور و ينهاهم عن غيرها و يوصيهم بوصايا مختلفة ، فهذا بلا شك كذب و افتراء على النبي صلى الله عليه و سلم . وهو صلوات ربي و سلامه عليه لا يُرى إلا في المنام ، لماذا ؟
لأنه ميّت و مدفون في قبره ، و لن يخرج منه إلا يوم القيامة ، و مصداق ذلك ما رواه الإمام مسلم رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة . و أول من ينشق عنه القبر ) .
إذاً فأول الناس خروجاً من القبور يوم القيامة هو النبي صلى الله عليه و سلم ، و هذا يدل على أنّ الأموات لن يخرجوا من قبورهم إلا يوم القيامة .
و الذي يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم في اليقظة ، يلزم من كلامه أنّ النبي عليه الصلاة و السلام يخرج من قبره ، و هذا باطل بلا شك .

و نعود للمدعو عبد الله مصطفى فنقول له و لأمثاله : صِفْ لنا الذي رأيته في المنام ؟

ثالثاً : لا شك عندي أن صاحب هذه القصة كذاب أَشِرْ لأنه توعّد مَن لم ينشر كذبته بسوء الـمُنْقَلَب ، و وَعَد مَن نشرها بحسن الـمُنْقَلَب، فـ عليه التوبة و الرجوع إلى الله .

مِن أين عرف هذا الكذاب أنّ مَن سيَنشر هذه القصة سيفرح الفرح الشديد بعد 4 أيام .
أَطّلع على الغيب ؟!
أم أنه يقرأ من اللوح المحفوظ ؟!
أم أنّ جبريل يتنزّل عليه بالوحي من الله جل جلاله ؟!
يا إخواني أن العقول المستنيرة
و أين الفهوم المنيرة
بل زعم هذا الكذاب أنّ من لم ينشر كذبته بعد أن يقرأها سيحزن الحزن الشديد بعد 4 أيام !!!

و أقول : لماذا يا كذاب بعد 4 أيام بالتحديد .


قبل الختام أقول

* على الذي اخترع هذه القصة المبادرة إلى التوبة و الرجوع عن هذا الإثم العظيم .
فقد تضمنت هذه القصة – قصة عبد الله مصطفى - الشرك بالله عز و جل ، لأن مخترعها زعم أنّ مَن نشرها فله كذا و مَن لم ينشرها فله كذاً بعد 4 أيام و هذا رجم بالغيب لا يجوز .
و لا أعني بذلك أن مخترعها مشرك بالله ، حاشا و كلا ، و لكنه أتى بمنكر عظيم يجب الإنكار عليه

* و على الذي نشر هذه القصة – عن حسن قصد – أن يتوب إلى الله أيضاً ، لأنه نشر مثل هذا الضلال ، الذي يخل بعقيدة التوحيد ، و يُعرض صاحبه لـ نار الوعيد .
و توبته تكون بالإستغفار والندم على هذا الفعل و العزم على عدم العودة إليه بالإضافة إلى نشر التراجع عن هذا العمل ، لأن الذي يكتم الحق بعدما عرفه و لا يبيّنه مع قدرته على البيان ملعون بنص الكتاب قال الحق جل و علا { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } البقرة159 - 160

إذاً فلا بد من التوبة و تكون بالإستغفار و الندم و العزم على عدم العودة إلى مثل هذا العمل
و لا بد من الإصلاح والبيان و ذلك بنشر الرد على هذه القصة المخترعة

ولا يظن أحد أني بردي على المدعو عبد الله مصطفى – إن كان في الحقيقة موجوداً - أنكر رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم ، كلا . و إنما أنكرت إفكه عندما وَعَدَ و توَعّد قارئ رسالته بما زعمه .
و لا يظن أحد أني انهى عن الدعوة إلى الله بنشر المقالات و المواضيع الطيبة . كلا
و إنما الذي أنكرته هو تناقل قصص الكذابين و المجاهيل و الفساق و غيرهم من غير تبين و لا تأكد من صحتها

و نصيحة أوجهها إلى كل من يستعمل الإنترنت – و أنا أولى الناس بها – أقول فيها :
اتق الله يا عبد الله – و يا أمة الله - فيما تكتب و فيما تنشر و فيما تفعل ، و حسبك ما قاله النبي صلى الله عليه و سلم ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ،يرفع الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمةمنسخط الله، لا يلقي لها بالا ، يهوي بها في جهنم ) رواه البخاري .
و قال صلى الله عليه و سلم ( إنّ العبد لَيَتكلّم بالكلمة ما يتبيّن فيها ؛ يَزِلُّ بها إلى النار أَبْعَدَ مما بين المشرق و المغرب )متفق عليه . قال النووي رحمه الله ( و معنى ' يتبيّن ' يُفكّر أنها خيرٌ أم شر )فاتق الله يا عبد الله

و من أراد الخير فعليه أن ينشر الأحاديث الصحيحة أو الآيات القرآنية أو ينقل كلام العلماء الأكابر الذين ساروا على منهج السلف الصالح من السابقين و اللاحقين أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم و كأمثال ابن باز و ابن عثيمين و الألباني و الفوزان و غيرهم كثير من أهل العلم و التقوى رحم الله ميّتهم و حفظ حيّهم .

رجاء خاص
أرجو مِن كل مَن اطلع على هذه الكلمات أن ينشرها حسب الإستطاعة
نصحاً للأمة و إبراء للذمة
حتى يرجع الذي قام بنشرها عن فعلته تلك
و حتى يحذر الذي لم يستلم هذا القصة من هذا الضلال
و ختاماً
أرجو من الله سبحانه و تعالى
أن ينفع المسلمين بما كتبت
و أن يجعله عملاً صالحاً له
صواباً على سنة رسوله صلى الله عليه و سلم
و أن ينفعني به في يوم تعز فيه الحسنات
إنّ ربي جواد كريم
و صلى الله و سلم على النبي محمد و على آله و صحبه أجمعين
و الحمد لله رب العالمين

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كتبه
الفقير إلى رحمة ربه
المقتدي بالسلف
أبو عمران أسعد بن أسامة آل أحمد عمر
رحمه الله